Admin المـــ،،ــدير الـعام
عدد الرسائل : 187 العمر : 36 السية : http://up3.m5zn.com/get-4-2008-lc5rae8thn1.gif قاغفا : تاريخ التسجيل : 19/03/2008
| موضوع: زوال اسرائيل في2022 السبت مارس 22, 2008 1:00 am | |
| زوال إسرائيل
2022
نبوءة أم
صدف رقمية
إنها ملاحظات
لعلنا نعيد النظر في دراسة التاريخ
هل هناك قانون في عالم المادّة يحكم التاريخ وفق معادلات رياضية شاملة؟؟!
اعتذار
نضجت فكرة هذا البحث قبيل عملية الإبعاد التي نفذتها " إسرائيل " بتاريخ 17-12-1992م. إلا أنني تمكنت من تدوينها في هذا الكتيب في أرض المنفى بالقرب من قرية (مرج الزهور) في الجنوب اللبناني.
لذا لم أتمكن من تحقيق شكليات الرجوع إلى المصادر والمراجع، إلا ما تيسر لي في هذا المكان القفر.
P
] فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً[
[الإسراء، الآية:7]
مدخل
يطمح البشر بقوة إلى معرفة المستقبل، وكشف أستار الغيب. وقد شاء اللهُ تعالى أن يُطلع عباده على بعض الغيب لحكمة يريدها، فكانت النبوءات يأتي بها الأنبياء والرسل فتكونَ دليلاً على صدق النبوة والرسالة، وتكون دليلاً على أن علم الله كامل، فيدرك الناسُ بعض أسرار القدر. ولما شاء الله أن يختم الرسالات، وشاء أن يرفع صفات النبوة، أبقى الرؤيا الصادقة، والتي هي اطلاع على الغيب قبل وقوعه، ليعلم الناس ما عجزوا عن تصوره ألا وهو علم الله تعالى بالأشياء قبل وجودها، فيدرك الإنسان أن عجزه عن تصور الأشياء لا ينفي وجودها.
الأمثلة في القرآن والسنة كثيرة. يقول سبحانه وتعالى في سورة الروم: ]غلبت الروم في أدنى الأَرضِ وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبُونَ. فِي بِضعِ سِنِينَ لِلَهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيومئذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللَهِ..[[1]
ويقول سبحانه وتعالى: ]لَقَد صدقَ اللهُ رَسولهُ الرؤيا بالحق لتدخلُن المسجدَ الحرام إن شاءَ اللهُ ءامنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا[ [2]
ويقول الرسول e : (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود...) والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا.
ليس هذا مقام بسط الحديث في حكمة الإخبار بالغيب ودور ذلك في حياة الناس. إلا أن البعض يرى أن النبوءات تورث التواكل والتقاعس!! وهذا الرأي قد يجدُ مصداقيةً علي الصّعيد النظري، أو بعبارة أخرى على صعيد الجدل العقلي البعيد عن محاكمة الواقع. أما على الصعيد العملي والواقعي، فان للنبوءات الأثر البالغ في رفع الهمم، واجتثاث اليأس من القلوب، ودفع الناس للعمل. وتاريخ الصحابة أصدق شاهد على ذلك.
هل جلس سرا قةُ في بيته حتى يأتيه سوارَا كسرى؟ وهل تقاعس الصحابة عن فتح بلاد فارس وقد أخبرهم الرسول بحصول ذلك؟ وهل.... وهل ؟. ليس بإمكان المسلم أن يترك واجبا، والمسلم يطلب رضى الله بالدرجة الأولى، أما النتائج فيرجوها ولا يجعلها غاية في سعيه. هب أنني تقاعست لعلمي بحصول النتيجة، فما الذي يمكن أنْ أجنيه وقد خسرتُ نفسي؟! والدنيا دار ابتلاء وامتحان، وليست بدار مثوبة: ]واًلو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً. لنفتنهم فيه..... [3][
عشرةُ آلافٍ من المشركين يُحاصرون المدينة المنورة، حتى بلغت القلوب الحناجر، وحتى ظن الصحابة بالله الظنون، في مثل هذا الجو جاءت البشرى: (... اللهُ أكبر أُعطيتُ مفاتح كسرى... اللهُ أكبر أُعطيتُ مفاتح قيصر..). نعم فلا يصح أنْ نترك الناس يصلون مرحلة اليأس المطبق: ] إنهُ لا ياْيئس من روح الله إلا القوم الكافرون[4][ يجب أنْ يتحرك الإنسان بين قطبي الخوف والرجاء فلا هو باليائس، ولا هو بالآمن:]فلا يأمنُ مكرَ اللهِ إلا القومُ الخاسرونَ[[5]. واليوم وقد أحاط اليأس بالناس حتى رفعوا شعاراً يقولون :"ما البديل؟" في مثل هذا الواقع ما أجدرنا أن نفتح للناس أبواب الأمل مع التنبه التام حتى لا ننزلق فنصبح من أهل الشعوذة والكهانة، فالإسلام حربٌ على كلِ ضروب العرافة والكهانة والشعوذة.
في هذا الكتيب نحاول أن نُفسر النبوءة القرآنية الواردة في سورة الإسراء تفسيراً ينسجم مع ظاهر النص القرآني، ويتوافق مع الواقع التاريخي. ثم نُشفع ذلك بمسلك جديد يقوم على أساس من عالم الأعداد يصح أن نُسميه :"التأويل الرياضي" أو "التأويل العددي". ويغلب على ظني أن الأعداد ستُدهشُ القارئ كما سبق وأدهشتني ودفعتني في طريق لم اكن أتوقعه. وسيجد القارِئ أن العدد "19" هو الأساس في هذا التأويل، مما يجعله يتساءَل: لماذا العدد "19"؟
القصة طويلة، والحديث في مسألة العدد "19" وما ثار حوله من جدال وشبهات، يحتاج إلى تفصيل وإسهاب. وهذا ما فعلتُهُ في كتابي: “عجيبة تسعة عشر بين تخلف المسلمين وضلالات المدعين" والذي طُبع الطبعة الأولى عام (1991م). ثم وفقني الله إلى صياغة الطبعة الثانية هنا في( مرج الزهور) والأمل أن يصدر عن (دار النفائس) في بيروت قريباً إن شاء الله.[6]
بعد الحديث عن حقيقة رشاد خليفة، وحقيقة بحثه، أقوم بتعريف القارئ بالخطأ والصواب في موضوع العدد (19) في القرآن الكريم. فالقضية استقرائية ورياضية، لا مجال فيها لقيل وقال، ولا مجال أن يستغلها الذين في قلوبهم زيغ من البهائيين وغيرهم.
بناء رياضي مذهل، وإعجازٌ سيكون له ما بعده، ولن يستطيع أحد أن يَحُول بيننا وبين ما يريد أن يجليه الله من كتابه العزيز: ] كتب الله لأغلبن أنا ورسلي[. لقد بذلت ما في وسعي لأضع هذه الأمانة في أعناق علماء الأمة لعلمي أن هذا الأمر لا يطيقهُ فرد، ولا حتى جماعه. وأملي كبير أن ينهض أهل العزم بهذه المسؤولية لتتم النعمة على المسلمين وعلى الناس أجمعين.
من يقرأ الكتاب الخاص بالعدد (19) سيدرك بشكل جلي معنى أن تقوم المعادلة التاريخية في هذا الكتيب على العدد (19). وأقول للذي لم يقرأ الكتاب: إن هناك بناءً رياضياً مدهشاً يتعلق بالكلمات والأحرف القرآنية، ويقوم على أساسٍ من الرقم (19). وإن هناك ما يُشير إلى أنهُ أساسٌ في عالم الفلك. ويدهشك في هذا الكتيب أن تكتشف أنه قانون في التاريخ أيضا.
يتألف هذا الكتيب من فصلين: الفصل الأول تفسير للنبوءة القرآنية الواردة في سورة الإسراء والمتعلقة بزوال دولة إسرائيل من الأرض المباركة. والفصل الثاني تأويل رياضي لهذه النبوءة ينسجم مع التفسير في الفصل الأول، ويضفي عليه مصداقية رياضية. وهو مسلكٌ جديد نأمل أن يكون مفتاحاً لكثير من أبواب الخير.
رب اغفر لي ولوالدي، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.
والله الموفق
الفصل الأول التفسير
قبل الهجرة بسنة، كانت حادثة الإسراء والمعراج، فكانت زيارة الرسول e للأرض المباركة، للمسجد الأقصى الذي بارك اللهُ حوله. وانطلق عليه السلام من ]للذي ببكة مباركا[، إلى المسجد ]الذي باركنا حوله[. من أول بيت وضع للناس، إلى ثاني بيت وضع للناس. في ذلك الوقت كانت القدس محتلة من قبل الرومان، وكان المسجد الأقصى مجرد آثار قديمة ومهجورة. وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت له مسجديته التي ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لم يكن لليهود وجود يُذكر في مكة المكرمة، ولم يكن لهم أيضاً وجود في القدس منذ العام (135 م)، عندما دمر (هدريان) الروماني الهيكل الثاني، وحرث أرضه بالمحراث، وشرد اليهود وشتتهم في أرجاء الإمبراطورية الرومانية، وحرم عليهم العودة إلى القدس والسكنى فيها. وعندما أُسريَ بالرسول e كان قد مضى على هذا التاريخ ما يقارب ال (500) عام، وهي مُدة كافية كي ينسى الناس أنه كان هناك يهود سكنوا الأرض المباركة.
بعد حادثة الإسراء نزلت فواتح سورة ( الإسراء)، أو سورة (بني إسرائيل). واللافت للنظر أن ذكر الحادثة جاء في آية واحدة: ]سُبحانَ الذي أسرى بعبدهِ ليلاً مِنَ المَسْجِدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأَقْصى الذي باركنا حولهُ لنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إنهُ هُوَ السميعُ البَصير[. ثم كان الحديث: ]وآتينا موسى الكتابَ وجعلناهُ هدىً لبني إسرائيلَ ألا تتخِذوا مِنْ دوني وَكيلا.... وقضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لتُفْسِدُن في الأرضِ مَرتَيْن... فَإذا جاءَ وعْدُ أُولاهُما... فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآخِرَة... [ فما علاقة موسى عليه السلام، وما علاقة بني إسرائيل بتلك الحادثة وتلك الزيارة ؟! وما علاقة النبوءة التي جاءت في التوراة قبل ما يقارب ال (1800) سنة بهذه الحادثة ؟!
هل يتوقع أحد أنْ يخطر ببال المفسرين القدماء إمكانية أن يعود لليهود دولة في الأرض المباركة ؟! أقول: الدولة الأموية، والدولة العباسية، والدولة العثمانية، كانت كل واحدة منها أعظم دولة في عصرها. فأيُ مفسر هو هذا الذي سيخطر بباله أن المرة الثانية لم تأت بعد ؟! وإن خطر ذلك بباله فهل ستقبل عاطفته أن يخط قلمه مثل هذه النبوءة التي تتحدث عن سقوط القدس في أيدي اليهود الضائعين المشردين والمستضعفين؟! من هنا نجد أن المفسرين القدماء ذهبوا إلى القول بأن النبوءة التوراتية قد تحققت بشقيْها قبل الإسلام بقرون. ونحن اليوم نفهم تماماً سبب هذا التوجه في التفسير، لكننا أيضاً نُدرك ضعفه ومجافاته للواقع. ومن هنا نجد الغالبية من المفسرين المعاصرين تذهب إلى القول بأن المرة الثانية تتمثل بقيام إسرائيل عام (1948 م).
المفسر الحقيقي للنبوءات الصادقة هو الواقع، لأن النبوءة الصادقة لا بد أن تتحقق في أرض الواقع. ومن هنا لا بُد من أن نستعين بالتاريخ قدر الإمكان لنصل إلى فهمٍ ينسجم مع ظاهر النص القرآني حتى لا نلجأ إلى التأويل الذي لجأ إليه الأقدمون وبعض المعاصرين. ونحن هنا لا نعطي التاريخ الصدقية التامة، فمعلوم لدينا أن الظن هو القاعدة في عالم التاريخ، لكننا في الوقت نفسه لا نجدُ البديل الذي يجعل تفسيرنا أقرب إلى الصواب، فنحن فقط نحاول أن نقترب من الحقيقة.
قضى الله في التوراة أن بني إسرائيل سيدخلون الأرض المباركة، وسيقيمون فيها مجتمعاً (دولة)، ثم يُفسدون إفساداً كبيراً تكون عقوبته أن يبعث الله عليهم عباداً أقوياء يجتاحون ديارَهم، وسيتكرر إفسادهم، فيبعث اللهُ العباد مرة أخرى، فيدمرون ويهلكون كل ما يسيطرون عليه إهلاكاً وتدميرا، وإليك بيان ذلك:
بعد وفاة (موسى) عليه السلام، دخل (يوشع بن نون) ببني إسرائيل الأرض المقدسة التي كتب اللهُ لهم أن يدخلوها: ]يا قَوْمِ ادْخُلوا الأرضَ المُقدسَةَ التي كتَبَ اللهُ لَكُمْ[[7]، وبذلك تحقق الوعد لهم بالدخول وبإقامة مجتمع إسرائيلي. وقد تمكن (داود) عليه السلام من فتح القدس، وإقامة مملكة. ومن هنا نجد (كتاب الملوك الأول) في (العهد القديم) يُستهل بالحديث عن شيخوخة داود عليه السلام وموته. ومع أن (العهد القديم) قد نسب إلى داود عليه السلام ما لا يليق بمقامه، إلا أنه حكم له بالصلاح على خلاف ابنه وخليفته سليمان عليه السلام. جاء في الإصحاح الحادي عشر، من سفر الملوك الأول: (... فاستطعن في زمن شيخوخته أن يغوين قلبه وراء آلهة أُخرى، فلم يكن قلبه مستقيماً مع الرب ألهه كقلب داود أبيه. وما لبث أن عبد عشتاروت... وارتكب الشر في عيني الرب، ولم يتبع سبيل الرب بكمال كما فعل أبوه داود). أقول: إننا نتفق مع كتبة العهد القديم على أن لداود عليه السلام ولد اسمه (سليمان)، وأنه كان حكيما، وأَنه ملك بعد وفاة أبيه. ولكننا نخالفهم في النظرة إليه عليه السلام، فهو كما جاء في القرآن الكريم: ]وَوَهَبْنا لِدَاودَ سُليْمانَ نِعْمَ العَبْدُ إنهُ أَواب[8][. من هنا نعتبر أن الفساد بدأ بعد وفاة سليمان عليه السلام، عندما انقسمت دولة النبوة إلى دولتين متنازعتين، وانتشر الفساد وشاعت الرذيلة. جاء في مقدمة (كتاب الملوك الأول)[9]: (... يبين كتاب الملوك الأول، بشكل خاص، تأثير المساوئ الاجتماعية المُفجِع على حياة الأمة الروحية).
تُوفي سليمان عليه السلام عام (935 ق.م)[10]، فحصل أن تمرد عشرة أسباط ونصبوا (يربعام بن نابط) ملكاً على (مملكة إسرائيل) في الشمال. ولم يبق تحت حكم (رحبعام بن سليمان) سوى سبط (يهوذا). وهكذا نشأت مملكة (إسرائيل) في الشمال، ومملكة (يهوذا) في الجنوب، وعاصمتها القدس. وكان الفساد، فكان الجوس من قبل الأعداء الذين اجتاحوا المملكتين في موجات بدأها المصريون، وتولى كبرها الأشوريون، والكلدانيون، القادمون من جهة الفرات. جاء في مقدمة (كتاب الملوك الثاني): "ففي سنة 722 ق.م هاجم الأشوريون مملكة إسرائيل في الشمال ودمروها؛ وفي سنة 586 ق.م زحف الجيش البابلي على مملكة يهوذا في الجنوب وقضوا عليها… ففي هذا الكتاب نرى كيف سخر الله الأشوريين، والبابليين، لتنفيذ قضائه بشعبي مملكة يهوذا وإسرائيل المنحرفين. يجب التنويه هنا أن الخطيئة تجلب الدينوية على الأمة أما البر فمدعاة لبركة الله. يكشف لنا كتاب الملوك الثاني أن الله لا يُدين أحداً قبل إنذاره، وقد بعث بأنبيائه أولاً ليُحذروا الأمة من العقاب الإلَهي"[11].
يلحظ أن دولة إسرائيل الشمالية كانت تشمل معظم الشعب (عشرة أسباط) وكانت هي سبب تمزق دولة سليمان عليه السلام، وحصول الشقاق في الشعب الواحد، وقد زالت وشُرد شعبها قبل مملكة (يهوذا) بما يقارب (135) سنة. وبعد فناء الدولتين حاول الإسرائيليون أن يعيدوا الأمجاد السابقة ففشلوا. أما نجاح بعض الثورات فلم يتعد الحصول على حكم ذاتي، أو مُلك تحت التاج الروماني، لذلك نجدُ كُتب التاريخ تتواطأ على القول أن زوال مملكة يهوذا هو زوال الدولة الإسرائيلية، فلم تولد مرة ثانية إلا عام (1948 م).
لماذا أنزلت النبوءة مرة أخرى بعد نزولها الأول في التوراة قبل الإسراء بما يقارب (1800) سنة ؟ أقول: لو كانت النبوءة قد تحققت كاملة قبل الإسلام لوجدنا صعوبة في فهم العلاقة. أما أن تكون المرة الأولى قد تحققت قبل الإسلام - وهذا ما حصل في الواقع - والثانية ستحقق في مستقبل المسلمين، فإن الأمر يكون مفهوما بشكل واضح، سيما وأننا نعيش زمن تحقق الثانية. )وَقَضَيْنا إلى بَني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدٌن في الأرضِ مرتينِ وَلَتَعْلٌن عُلواً كبيراً% فَإِذا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعثْنا عَلَيْكُم عِباداً لنا أُولي بَأْسٍ شَديد فَجَاسوا خِلالَ الدِيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعولاً( [سورة الإسراء].
)وَقَضَينا إلى بَني إسرائيل( : وإسرائيل هو (يعقوب) عليه السلام، وفق ما ورد في القران الكريم[12]. وأبناء إسرائيل هم الأسباط الاثنا عشر، وما توالد منهم . والقضاء هنا يخصهم بصفتهم مجتمعا، وهذا يستفاد من قوله تعالى : )إلى بني إسرائيل(. ) في الكتاب( : أي التوراة، ويؤكد هذا قوله تعالى في الآية الثانية:
) وءاتَيْنا موسى الكتاب وجعلناه هُدىً لِبني إسرائيل(. والمعروف أن التوراة نزلت لبني إسرائيل. وكان كل رسولٍ يُبعث إلى قومه خاصة، وبُعث محمد e إلى الناس كافة.
) لتُفْسِدُن في الأرضِ( : واضح أن الكلام هو إخبار بالمستقبل. وبما أن الكتاب هو التوراة، فالنبوءة تتحدث عن المستقبل بعد زمن التوراة وليس بعد نزول القران الكريم . وقد وردت النبوءة في القران الكريم بصيغة الاستقبال، كقوله تعالى حكاية على لسان ابن آدم مخاطباً أخاه: ) قالَ لأَقْتُلَنك(.
) في الأرض(: الإفساد في جُزء من الأرض هو إفساد في الأرض. والفساد هو خروج الشيء عن وظيفته التي خُلق لها، وهو درجات، منه الصغير، ومنه الكبير :
) وَلَتَعْلُن عُلواً كَبيراً( : فهو إفساد عن علو وتجبر. وقد يكون الفساد عن ضعف وذلة. أما الفساد المنبأ به فهو عن علوٍ كبير. والعلو يفسره قول الله تعالى :
) إن فِرْعَونَ علا في الأرضِ وجعلَ أهْلها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفةً مِنْهُم يُذَبحُ أَبناءَهُم وَيَسْتَحيي نِساءَهُم إنهُ كانَ مِنَ المُفْسِدين [13](% فإفساد المجتمع الإسرائيلي سيكون عن علو، واستكبار، وغطرسة، وإجرام.
) مرتين( : هذا يؤكد أن الإفساد هو إفساد مجتمعي، وفي زمان ومكان معينين. أما الفساد الفردي فهو متكرر في كل لحظة.
) فإذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما(: فإذا حصل الإفساد من قبل المجتمع الإسرائيلي في الأرض المباركة، وتحققت النبوءة بحصول ذلك، عندها ستكون العقوبة.
)بعثنا عليكم عباداً لنا( : ذهب بعض المعاصرين إلى القول بأن العباد هم من المؤمنين، بدليل قوله تعالى : )عباداً لنا(. وقد ألجأهم هذا إلى القول بأن المرة الأولى هي المرة
التي تم فيها إخراج اليهود من المدينة المنورة في عصر الرسولe، ثم دخول عمر بن الخطاب القدس فاتحا، وهذا بعيد عن ظاهر النص القرآني. ولا ضرورة لمثل هذا التأويل لان:
)عباداً لنا( تحتمل المؤمنين وغير المؤمنين مع وجود القرائن الكثيرة التي تدل على أنهم من غير المؤمنين. وإليك توضيح ذلك :
1- لم يرد تعبير) عباداً لنا( في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع فقط. وأهل اللغة من المفسرين القدماء لم يقولوا بأن عباداً لنا تعني مؤمنين. بل ذهبوا إلى القول إنهم من المجوس.
2- إذا صحت رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الجند، والتي أخرجها (ابن سعد)في (الطبقات)، فستكون دليلاً على فهم الصحابة للآية الكريمة. يقول رضي الله عنه: "ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يُسَلط علينا وإن أسأنا. فرب قومٍ سُلط عليهم شرٌ منهم، كما سُلط على بني إسرائيل لما أتوا مساخط الله كفرة المجوس، فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً".
لاحظ قوله رضي الله عنه: "كفرة المجوس فجاسوا خلال الديار" فهو يجزم أنهم "كفرة"، وقد استشهد بالمرة الأولى، وهذا يوحي بأن المرة الثانية لم تحدث بعد، إذ كان الأولى أن يستشهد بالمرة الثانية، لأنها أقرب في الزمان، وأدعى إلى الاعتبار.
3- نقرأ في القران الكريم: ) ذَلِكَ يُخَوفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فاتقونِ( ]الزمر:16 [. ) أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ في ما كانُوا فيهِ يَخْتَلِفون( ]الزمر 46[ )نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا( [الشورى 42] )إِن اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبيرٌ بَصير( [فاطر 31 ] ) ءَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُم عِبادِي هؤلاء أَمْ ضَلوا السبيل( [الفرقان 17]
لاحظ الكلماتعباده.. عبادي.. عبادك.. عبادنا )في الآيات السابقة والتي تؤكد أن المقصود عموم البشر.
4- التخصيص في قوله تعالى: )عباداً لنا( يقصد به إبراز صفة قادمة وهي هنا: )أُولي بأسٍ شديدٍ(. فإذا قلت : ولدي ذكي، فهمنا أنك تقصد الحديث عن ولدك. أما إذا قلت: ولدٌ لي ذكي، فهمنا انك تقصد الحديث عن ذكاء ولدك بالدرجة الأولى.
5- ودليل أخر من حديث رسول الله e فقد أخرج مسلم في صحيحه في كتاب الفتن - باب ذِكْر الرجال - عند الحديث عن يأجوج ومأجوج "... فبينما هو كذلك، إذ أوحى اللهُ إلى عيسى عليه السلام: أني قد أخرجتُ عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم"لاحظ: "عباداً لي".
)عباداً لنا أولي بأسٍ شديد(: لا يتوهم أحد أن هذه الصفة لا تكون إلا في المسلمين، فقد جاء في سورة(الفتح)ستدعون إلى قومٍ أولي باسٍ شديد تقاتلونهم أو يسلمون([14] | |
|